الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج
. فَصْلٌ: يَتَخَيَّرُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بَيْنَ عِتْقٍ كَالظِّهَارِ أَيْ كَعِتْقِ كَفَّارَتِهِ وَهُوَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحِلِّهِ (وَإِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كُلُّ مِسْكِينٍ مُدُّ حَبٍّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ أَوْ كِسْوَتُهُمْ بِمَا يُسَمَّى كِسْوَةً كَقَمِيصٍ أَوْ عِمَامَةٍ أَوْ إزَارٍ) أَوْ رِدَاءٍ (لَا خُفٍّ وَقُفَّازَيْنِ وَمِنْطَقَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الثَّلَاثَةِ فِي بَابَيْ زَكَاةِ النَّقْدِ وَمُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ (وَلَا تُشْتَرَطُ صَلَاحِيَّتُهُ) أَيْ مَا يُكْسِي (لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَيَجُوزُ سَرَاوِيلُ صَغِيرٍ لِكَبِيرٍ لَا يَصْلُحُ لَهُ وَ) يَجُوزُ (قُطْنٌ وَكَتَّانٌ وَحَرِيرٌ لِامْرَأَةٍ وَرَجُلٍ وَلَبِيسٌ لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الثَّلَاثَةِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (لَزِمَهُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِلْآيَةِ (وَلَا يَجِبُ تَتَابُعُهَا فِي الْأَظْهَرِ) (لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ) وَالثَّانِي يَجِبُ احْتِيَاطًا (وَإِنْ غَابَ مَالُهُ انْتَظَرَهُ وَلَمْ يَصُمْ) لِأَنَّهُ وَاجِدٌ (وَلَا يُكَفَّرُ عَبْدٌ بِمَالٍ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ (إلَّا إذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً وَقُلْنَا يَمْلِكُ)، بِتَمْلِيكِهِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ بِهِ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ مِلْكِهِ فَلَا يُكَفِّرُ بِهِ وَلَوْ مَلَّكَهُ عَبْدًا لِيُعْتِقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ فَفِعْلٌ لَمْ يَقَعْ عَنْهَا لِامْتِنَاعِ الْوَلَاءِ لِلْعَبْدِ وَقِيلَ يَقَعُ وَالْوَلَاءُ لِلْعَبْدِ (بَلْ يُكَفِّرُ بِصَوْمٍ فَإِنْ ضَرَّهُ) الصَّوْمُ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ لِطُولِ النَّهَارِ وَشِدَّةِ الْحَرِّ (وَكَانَ حَلَفَ وَحَنِثَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) فِيهِمَا (صَامَ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (أَوْ وَجَدَا بِلَا إذْنٍ) لَمْ يَصُمْ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُ لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى التَّرَاخِي (وَإِنْ أَذِنَ فِي أَحَدِهِمَا) فَقَطْ (فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْحَلِفِ) فَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ صَامَ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَصُمْ إلَّا بِإِذْنٍ، وَالثَّانِي اعْتِبَارُ الْحِنْثِ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ صَامَ بِلَا إذْنٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَصُمْ إلَّا بِإِذْنٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَلِفِ بِإِذْنٍ وَالْحِنْثِ بِغَيْرِ إذْنٍ وَعَكْسِهِ وَجْهَيْنِ فِي الصِّيَامِ بِغَيْرِ إذْنِ أَحَدُهُمَا جَوَازُهُ وَالثَّانِي مَنْعُهُ وَالتَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ وَهُوَ الْجَوَازُ فِي الْأُولَى وَالْمَنْعُ فِي الثَّانِيَةِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْمَنْعُ فِي الْأُولَى، وَالْجَوَازُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّهُ الصَّوْمُ فِي الْخِدْمَةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إذْنٍ فِيهِ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَلَهُ مَالٌ يُكَفِّرُ بِطَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ لَا عِتْقٍ) لِنَقْصِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْوَلَاءِ وَلَا صَوْمَ لِمَالِيَّتِهِ.. فَصْلٌ: حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا أَيْ هَذِهِ الدَّارَ (أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا) وَهُوَ فِيهَا (فَلْيَخْرُجْ فِي الْحَالِ) لِيَخْلُصَ مِنْ الْحَلِفِ وَلَا يَحْنَثُ لَوْ خَرَجَ وَتَرَكَ فِيهَا أَهْلَهُ وَمَتَاعَهُ (فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ وَإِنْ بَعَثَ مَتَاعَهُ) وَأَهْلَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْعَثْهُمَا لِأَنَّ حَلِفَهُ عَلَى سُكْنَى نَفْسِهِ وَإِنْ مَكَثَ لِعُذْرٍ كَأَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ، أَوْ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ لَوْ خَرَجَ لَمْ يَحْنَثْ (وَإِنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَجَمْعِ مَتَاعٍ وَإِخْرَاجِ أَهْلٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ) لِلْخُرُوجِ (لَمْ يَحْنَثْ) بِمُكْثِهِ لِمَا ذُكِرَ كَمَا لَوْ عَادَ لَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ فِي الْحَالِ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا لَوْ بَنَى بَيْنَهُمَا جِدَارًا وَلِكُلِّ جَانِبٍ مَدْخَلٌ) لَا يَحْنَثُ (فِي الْأَصَحِّ) لِاشْتِغَالِهِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِحُصُولِهَا إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا نِسْبَةُ تَصْحِيحِهِ إلَى الْجُمْهُورِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ إلَى الْبَغَوِيُّ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَهُوَ فِيهَا أَوْ لَا يَخْرُجُ وَهُوَ خَارِجٌ فَلَا حِنْثَ بِهَذَا)، الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دُخُولًا وَلَا خُرُوجًا (أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَطَهَّرُ أَوْ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَقُومُ أَوْ لَا يَقْعُدُ فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ) الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ التَّزَوُّجِ إلَى آخِرِهَا (حَنِثَ قُلْت تَحْنِيثُهُ بِاسْتِدَامَةِ التَّزَوُّجِ وَالتَّطَهُّرِ) الْمُخَالِفُ لِمَا فِي الشَّرْحِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ (غَلَطٌ لِذُهُولٍ) فَإِنَّ الِاسْتِدَامَةَ فِيهِمَا لَا تُسَمَّى تَزَوُّجًا وَتَطَهُّرًا بِخِلَافِهَا فِي بَاقِي الْأَحْوَالِ فَتُسَمَّى لُبْسًا وَرُكُوبًا إلَى آخِرِهَا (وَاسْتِدَامَةُ طِيبٍ لَيْسَتْ تَطَيُّبًا فِي الْأَصَحِّ) فَلَا يَحْنَثُ بِهَا الْحَالِفُ، لَا يَتَطَيَّبُ (وَكَذَا وَطْءٌ وَصَوْمٌ وَصَلَاةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ اسْتِدَامَتُهَا لَيْسَتْ نَفْسَهَا فِي الْأَصَحِّ فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا الْحَالِفِ لَا يَفْعَلُهَا وَيُتَصَوَّرُ فِي الصَّلَاةِ بِنِسْيَانِهَا وَالْمَسَائِلُ الْأَرْبَعُ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا حَنِثَ بِدُخُولِ دِهْلِيزٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ (دَاخِلَ الْبَابِ) لَا ثَانِيَ لَهُ (أَوْ بَيْنَ بَابَيْنِ لَا بِدُخُولِ طَاقٍ) مَعْقُودٍ (قُدَّامَ الْبَابِ) وَقِيلَ يَحْنَثُ بِهِ لِدُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ (وَلَا بِصُعُودِ سَطْحٍ) مِنْ خَارِجِهَا (غَيْرَ مَحُوطٍ وَكَذَا مَحُوطٌ) مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ (فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِإِحَاطَةِ حِيطَانِ الدَّارِ بِهِ (وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ أَوْ رِجْلَهُ)، فِيهَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ (فَإِنْ وَضَعَ رِجْلَيْهِ فِيهَا مُعْتَمَدًا عَلَيْهِمَا حَنِثَ) لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الدُّخُولِ فَإِنْ مَدَّهُمَا فِيهَا وَهُوَ قَاعِدٌ خَارِجَهَا لَمْ يَحْنَثْ (وَلَوْ انْهَدَمَتْ فَدَخَلَ وَقَدْ بَقِيَ أَسَاسُ الْحِيطَانِ حَنِثَ) لِبَقَاءِ اسْمِ الدَّارِ (وَإِنْ صَارَتْ فَضَاءً أَوْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا فَلَا) يَحْنَثُ لِزَوَالِ اسْمِ الدَّارِ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ حَنِثَ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهَا بِتِلْكَ لَا بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ وَغَصْبٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِدَارِهِ (مَسْكَنَهُ) فَيَحْنَثُ بِالْمِلْكِ وَغَيْرِهِ (وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَسْكُنُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِدَارِهِ (مَسْكَنَهُ) فَلَا يَحْنَثُ بِمَا لَا يَسْكُنُهُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى مَنْ يَمْلِكَ تَقْتَضِي الْمِلْكَ. (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَبَاعَهُمَا أَوْ طَلَّقَهَا فَدَخَلَ وَكَلَّمَ لَمْ يَحْنَثْ) لِزَوَالِ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ (إلَّا أَنْ يَقُولَ دَارُهُ هَذِهِ أَوْ زَوْجَتُهُ هَذِهِ أَوْ عَبْدُهُ هَذَا فَيَحْنَثُ) تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا دَامَ مِلْكُهُ) فَلَا يَحْنَثُ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا مِنْ ذَا الْبَابِ فَنَزَعَ وَنَصَبَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ بِالثَّانِي، وَيَحْنَثُ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا حَمْلًا لِلْيَمِينِ عَلَى الْمَنْفَذِ دُونَ الْمَنْصُوبِ فَالْخَشَبُ وَنَحْوُهُ وَالثَّانِي الْعَكْسُ حَمْلًا عَلَى الْمَنْصُوبِ وَالثَّالِثُ لَا يَحْنَثُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا حَمْلًا عَلَى الْمَنْفَذِ وَالْمَنْصُوبِ مَعًا هَذَا إنْ أَطْلَقَ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بَعْضَ هَذِهِ الْمَحَامِلِ حُمِلَ عَلَيْهِ قَطْعًا (أَوْ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا حَنِثَ بِكُلِّ بَيْتٍ مِنْ طِينٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ آجُرَّ أَوْ خَشَبٍ أَوْ خَيْمَةٍ) أَوْ صُوفٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَبَرٍ أَوْ جِلْدٍ فَإِنْ نَوَى نَوْعًا مِنْهَا حُمِلَ عَلَيْهِ (وَلَا يَحْنَثُ بِمَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ وَكَنِيسَةٍ وَغَارِ جَبَلٍ) لِأَنَّهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْبَيْتِ إلَّا بِتَقْيِيدٍ (أَوْ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ بَيْتًا فِيهِ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ) عَالِمًا بِذَلِكَ (حَنِثَ وَفِي قَوْلٍ إنْ نَوَى الدُّخُولَ عَلَى غَيْرِهِ دُونَهُ لَا يَحْنَثُ) كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّلَامِ الْآتِيَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الدُّخُولَ لَا يَتَبَعَّضُ بِخِلَافِ السَّلَامِ (فَلَوْ جَهِلَ حُضُورَهُ) فِي الْبَيْتِ (فَخِلَافُ حِنْثِ النَّاسِي) وَالْجَاهِلِ فِي ذَلِكَ وَالْأَظْهَرُ مِنْهُ عَدَمُ الْحِنْثِ أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (قُلْت وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ) عِلْمُهُ (وَاسْتَثْنَاهُ) بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ (لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ أَطْلَقَ حَنِثَ فِي الْأَظْهَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِظُهُورِ اللَّفْظِ فِي الْجَمِيعِ وَالثَّانِي وَجْهٌ بِأَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِلْجَمِيعِ وَلِلْبَعْضِ فَلَا يَحْنَثُ بِالشَّكِّ، وَلَوْ جَهِلَهُ فِيهِمْ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَظْهَرِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ.. فَصْلٌ: حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ حَنِثَ بِرُءُوسٍ تُبَاعُ وَحْدَهَا وَهِيَ رُءُوسُ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ (لَا) بِرُءُوسِ (طَيْرٍ وَحُوتٍ وَصَيْدٍ إلَّا بِبَلَدٍ تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً)، فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا فِيهِ بِخِلَافِ أَكْلِهَا فِي غَيْرِهِ، فَلَا يَحْنَثُ بِهِ فِي وَجْهٍ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ وَالْأَقْوَى الْحِنْثُ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ النَّصِّ وَهَلْ يُعْتَبَرُ نَفْسُ الْبَلَدِ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ الْعُرْفُ أَمْ كَوْنُ الْحَالِفِ مِنْ أَهْلِهِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قَصَدَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مَا يُسَمَّى رَأْسًا حَنِثَ بِرَأْسِ السَّمَكِ وَالطَّيْرِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ قَصَدَ نَوْعًا خَاصًّا لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ انْتَهَى (وَالْبِيضُ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ (يَحْمِلُ عَلَى مُزَايَلِ بَائِضِهِ فِي الْحَيَاةِ كَدَجَاجٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (وَنَعَامَةٍ وَحَمَامٍ لَا سَمَكٍ وَجَرَادٍ)، لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِشِقِّ الْبَطْنِ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي (وَاللَّحْمُ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ يُحْمَلُ (عَلَى نَعَمٍ) أَيْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ (وَخَيْلٍ وَوَحْشٍ وَطَيْرٍ) مَأْكُولِينَ فَيَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْ مُذَكَّاهَا وَفِي الْمَيْتَةِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ كَالذَّنَبِ، وَجْهَانِ رَجَّحَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ الْحِنْثَ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ الْمَنْعَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ أَقْوَى (لَا سَمَكٍ وَجَرَادٍ) لِأَنَّهُمَا لَا يُفْهَمَانِ مِنْ إطْلَاقِ اللَّحْمِ عُرْفًا (وَشَحْمِ بَطْنٍ) وَشَحْمِ عَيْنٍ لِأَنَّهُمَا يُخَالِفَانِ اللَّحْمَ فِي الصِّفَةِ كَالِاسْمِ (وَكَذَا كَرِشٌ وَكَبِدٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِ ثَانِيهِمَا (وَطِحَالٌ) بِكَسْرِ الطَّاءِ (وَقَلْبٍ) وَمِعًى وَرِئَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهَا تُقَامُ مَقَامَ اللَّحْمِ (وَالْأَصَحُّ تَنَاوُلُهُ)، أَيْ اللَّحْمِ (لَحْمُ رَأْسٍ وَلِسَانٍ) وَجِلْدٌ وَأَكَارِعُ وَالثَّانِي يَقُولُ لَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ اللَّحْمِ عُرْفًا (وَشَحْمِ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ) وَهُوَ الْأَبْيَضُ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ الْأَحْمَرُ لِأَنَّهُ لَحْمٌ سَمِينٍ وَلِهَذَا يَحْمَرُّ عِنْدَ الْهُزَالِ، وَالثَّانِي نَظَرٌ إلَى اسْمِ الشَّحْمِ وَيَنُبْنِي عَلَيْهِمَا الْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ (وَأَنَّ شَحْمَ الظَّهْرِ لَا يَتَنَاوَلُهُ الشَّحْمُ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ. (وَأَنَّ الْأَلْيَةَ وَالسَّنَامَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا (لَيْسَا شَحْمًا وَلَا لَحْمًا) أَيْ لَيْسَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا ذُكِرَ لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِمَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا وَلَا لَحْمًا وَقِيلَ هُمَا شَحْمٌ وَقِيلَ لَحْمٌ فَيَحْنَثُ (وَالْأَلْيَةُ لَا تَتَنَاوَلُ سَنَامًا وَلَا يَتَنَاوَلُهَا) فَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ (وَالدَّسَمُ يَتَنَاوَلُهُمَا) وَشَحْمُ ظَهْرٍ وَبَطْنٍ (وَكُلُّ دُهْنٍ) فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ أَحَدِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ دَسَمًا (وَلَحْمُ الْبَقَرِ يَتَنَاوَلُ جَامُوسًا) فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ وَيَحْنَثُ بِبَقَرِ الْوَحْشِ أَيْضًا (وَلَوْ قَالَ) فِي حَلِفِهِ (مُشِيرًا إلَى حِنْطَةٍ لَا آكُلُ هَذِهِ حَنِثَ بِأَكْلِهَا عَلَى هَيْئَتِهَا وَبِطَحِينِهَا وَخُبْزِهَا) عَمَلًا بِالْإِشَارَةِ (وَلَوْ قَالَ) فِيهِ (لَا آكُلُ هَذِهِ الْحِنْطَةَ حَنِثَ بِهَا مَطْبُوخَةً وَنِيئَةً وَمَقْلِيَّةً) بِفَتْحِ الْمِيمِ (لَا بِطَحِينِهَا وَسَوِيقِهَا وَعَجِينِهَا وَخُبْزِهَا) لِزَوَالِ اسْمِهَا (وَلَا يَتَنَاوَلُ رُطَبٌ تَمْرًا وَلَا بُسْرًا وَلَا عِنَبٌ زَبِيبًا وَكَذَا الْعُكُوسُ)، فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ التَّمْرِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا وَالْعَكْسُ وَكَذَا الْبَاقِي (وَلَوْ قَالَ) فِي حَلِفِهِ (لَا آكُلُ هَذَا الرُّطَبَ فَتَتَمَّرَ فَأَكَلَهُ أَوْ لَا أُكَلِّمُ ذَا الصَّبِيِّ فَكَلَّمَهُ شَيْخًا فَلَا حِنْثَ) بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِزَوَالِ الِاسْمِ، وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِبَقَاءِ الصُّورَةِ وَإِنْ تَغَيَّرَتْ الصِّفَةُ (وَالْخُبْزُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ خُبْزٍ كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَأُرْزٍ وَبَاقِلًا وَذُرَةٍ)، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ وَاللَّامِ مَعَ الْقَصْرِ وَإِعْجَامِ الذَّالِ وَالْهَاءِ عِوَضٌ مِنْ وَاوٍ أَوْ يَاءٍ (وَحِمَّصٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهِمَا، فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ أَيٍّ مِنْهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ غَيْرَ مَعْهُودِ بَلَدِهِ وَسَوَاءٌ ابْتَلَعَهُ بَعْدَ مَضْغٍ أَمْ دُونَهُ أَكَلَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ أَمْ بَعْدَ جَعْلِهِ ثَرِيدًا كَمَا قَالَ (فَلَوْ ثَرَدَهُ) بِالْمُثَلَّثَةِ مُخَفَّفًا (فَأَكَلَهُ حَنِثَ) لَكِنْ لَوْ صَارَ فِي الْمَرَقَةِ كَالْحَسْوِ فَتَحَسَّاهُ لَمْ يَحْنَثْ. (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا فَسَفَّهُ أَوْ تَنَاوَلَهُ بِأُصْبُعٍ) مَبْلُولَةٍ (حَنِثَ) لِأَنَّهُ يُعَدُّ أَكْلًا (وَإِنْ جَعَلَهُ فِي مَاءٍ فَشَرِبَهُ فَلَا) يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَكْلًا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُهُ) أَيْ السَّوِيقَ (فَبِالْعَكْسِ) أَيْ يَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ لَبَنًا أَوْ مَانِعًا آخَرَ) كَالْعَسَلِ (فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ حَنِثَ) لِأَنَّ أَكْلَهُ كَذَلِكَ (أَوْ شَرِبَهُ فَلَا) يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُهُ فَبِالْعَكْسِ) أَيْ يَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ جَامِدًا أَوْ ذَائِبًا) بِالْمُعْجَمَةِ (حَنِثَ) كَمَا لَوْ أَكَلَهُ وَحْدَهُ (وَإِنْ شَرِبَهُ ذَائِبًا فَلَا) يَحْنَثُ (وَإِنْ أَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ حَنِثَ إنْ كَانَتْ عَيْنُهُ ظَاهِرَةً) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً (وَيَدْخُلُ فِي فَاكِهَةٍ) حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا (رُطَبٌ وَعِنَبٌ وَرُمَّانٌ وَأُتْرُجٌّ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ (وَرُطَبٌ وَيَابِسٌ) كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ (قُلْتُ) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَلَيْمُونٌ وَنَبْقٌ وَكَذَا بِطِّيخٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ فِيهِمَا (وَلُبٌّ فُسْتُقٌ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا (وَبُنْدُقٌ وَغَيْرُهُمَا فِي الْأَصَحِّ) فَهُوَ مِنْ يَابِسِ الْفَاكِهَةِ وَالثَّانِي يَنْفِيهَا عَنْهُ وَعَنْ الْبِطِّيخِ (لَا قِثَّاءٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ (وَخِيَارٌ وَبَاذِنْجَانٌ)، بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَجَزَرٌ) فَلَيْسَتْ مِنْ الْفَاكِهَةِ (وَلَا يَدْخُلُ فِي الثِّمَارِ) بِالْمُثَلَّثَةِ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ (يَابِسٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، وَهِيَ جَمْعُ ثَمَرٍ (وَلَوْ أُطْلِقَ بِطِّيخٌ وَتَمْرٌ وَجَوْزٌ لَمْ يَدْخُلْ هِنْدِيٌّ)، مِنْ الثَّلَاثَةِ فِيهَا فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا وَالْهِنْدِيُّ مِنْ الْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ (وَالطَّعَامُ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ (يَتَنَاوَلُ قُوتًا وَفَاكِهَةً وَأُدُمًا وَحَلْوَاءَ)، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الرِّبَا الدَّوَاءُ وَفِيهِ هُنَا وَجْهَانِ (وَلَوْ قَالَ) فِي حَلِفِهِ (لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ تَنَاوَلَ لَحْمَهَا)، فَيَحْنَثُ بِهِ (دُونَ وَلَدٍ) لَهَا (وَلَبَنٍ) مِنْهَا فَلَا يَحْنَثُ بِهِمَا (أَوْ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَثَمَرٌ) يَحْنَثُ بِهِ (دُونَ وَرِقٍ وَطَرَفِ غُصْنٍ) مِنْهَا عَمَلًا فِي الْحِنْثِ بِالْمُتَعَارَفِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.. فَصْلٌ: (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ) بِتَمْرٍ (فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً لَمْ يَحْنَثْ) لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْمَتْرُوكَةُ هِيَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا (أَوْ لَيَأْكُلَنَّهَا فَاخْتَلَطَتْ) بِتَمْرٍ (لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِالْجَمِيعِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَتْرُوكَةُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا (أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذِهِ الرِّمَايَةَ فَإِنَّمَا يَبَرُّ بِجَمِيعِ حَبِّهَا) وَلَوْ قَالَ لَا آكُلُهَا فَتَرَك حَبَّةً لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَيْهِمَا (فَإِنْ لَبِسَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا حَنِثَ أَوْ لَا أَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ (أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَمَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ الْغَدِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ (وَإِنْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ حَنِثَ) لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنْ الْبِرِّ (وَقَبْلَهُ) أَيْ التَّمَكُّنِ (قَوْلَانِ كَمُكْرَهٍ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ عَدَمُ الْحِنْثِ (وَإِنْ أَتْلَفَهُ بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ الْغَدِ حَنِثَ)، لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَهَلْ الْحِنْثُ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ عَنْ الْبِرَّ أَوْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ فِيهِ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ وَعَلَى أَوَّلِهِمَا لَوْ كَانَتْ كَفَّارَتُهُ بِالصَّوْمِ، جَازَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ الْغَدِ عَنْهَا وَعَلَى ثَانِيهِمَا حِنْثُهُ بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْأَكْلِ مِنْ الْغَدِ أَوْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيُّ الْأَوَّلُ (وَإِنْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) قَبْلَ الْغَدِ (فَكَمُكْرَهٍ) لِمَا تَقَدَّمَ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ عَدَمُ الْحِنْثِ (أَوْ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ فَلْيَقْضِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ الشَّهْرَ)، فَوَقْتُ الْغُرُوبِ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْ الشَّهْرِ (وَإِنْ قَدَّمَ) الْقَضَاءُ عَلَى الْغُرُوبِ (أَوْ مَضَى بَعْدَ الْغُرُوبِ قَدْرَ إمْكَانِهِ) أَيْ الْقَضَاءِ (حَنِثَ) فَيَنْبَغِي أَنَّ بَعْدَ الْمَالِ وَيَتَرَصَّدُ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَيَقْضِيهِ فِيهِ (وَإِنْ شَرَعَ فِي الْكَيْلِ) أَوْ الْوَزْنِ (حِينَئِذٍ وَلَمْ يَفْرُغْ لِكَثْرَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَحْنَثْ) وَبِمِثْلِهِ أُجِيبُ فِيمَا لَوْ ابْتَدَأَ حِينَئِذٍ بِمُقَدِّمَةِ الْقَضَاءِ كَحَمْلِ الْمِيزَانِ, (أَوْ لَا يَتَكَلَّمُ فَسَبَّحَ) اللَّهَ (أَوْ قَرَأَ قُرْآنًا فَلَا حِنْثَ) بِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْكَلَامِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ وَفِي وَجْهٍ أَنَّهُ يَحْنَثُ، (أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ حَنِثَ) لِأَنَّ السَّلَامَ عَلَيْهِ نَوْعٌ مِنْ الْكَلَامِ (وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا) كَرَأْسٍ (فَلَا) حِنْثَ بِهِ (فِي الْجَدِيدِ) اقْتِصَارًا بِالْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْقَدِيمِ الْحِنْثُ حَمْلًا لِلْكَلَامِ عَلَى الْمَجَازِ مَعَ الْحَقِيقَةِ، وَفِي التَّنْزِيلِ لِلْقَدِيمِ {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحَيًّا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} وَلِلْجَدِيدِ {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إنْسِيًّا}، {فَأَشَارَتْ إلَيْهِ} (وَإِنْ قَرَأَ آيَةً أَفْهَمَهُ بِهَا مَقْصُودَهُ وَقَصَدَ قِرَاءَةً لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قِرَاءَةً (حَنِثَ) لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ (أَوْ لَا مَالَ لَهُ حَنِثَ بِكُلِّ نَوْعٍ وَإِنْ قَلَّ حَتَّى ثَوْبِ بَدَنِهِ) لَصَدَقَ الِاسْمُ عَلَيْهِ (وَمُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَمَا وَصَّى بِهِ) مِنْ مَالٍ (وَدَيْنٍ حَالٍّ وَكَذَا مُؤَجَّلٍ فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهُ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ كَالْمَعْدُومِ (لَا مُكَاتَبَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ وَالثَّانِي يَحْنَثُ بِهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ فَالْبِرُّ) فِيهِ (بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا وَلَا يُشْتَرَطُ) فِيهِ (إيلَامٌ) وَقِيلَ يُشْتَرَطُ (إلَّا أَنْ يَقُولَ ضَرْبًا شَدِيدًا) فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيلَامُ (وَلَيْسَ وَضْعُ سَوْطٍ عَلَيْهِ وَعَضٌّ وَخَنِقٌ) بِكَسْرِ النُّونِ (وَنَتْفِ شَعْرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (ضَرْبًا قِيلَ وَلَا لَطْمٍ وَوَكْزٍ) أَيْ دَفْعٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَرْبٌ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَشَدَّ مِائَةً) مِنْ السِّيَاطِ أَوْ الْخَشَبَاتِ (وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً أَوْ) ضَرَبَهُ (بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ عُرْجُونٍ (عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ (بَرَّ إنْ عَلِمَ إصَابَةَ الْكُلِّ أَوْ تَرَاكَمَ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ فَوَصَلَهُ أَلَمُ الْكُلِّ)، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ فِي قَوْلِهِ مِائَةُ سَوْطٍ بِالْعُثْكَالِ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْجَمِيعِ بَرَّ عَلَى النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ إنَّهُ لَا يَبَرُّ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَبَرَّ بِهَذَا) الْمَذْكُورِ مِنْ الْعِثْكَالِ أَوْ الْمِائَةِ الْمَشْدُودَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ بِهِ إلَّا مَرَّةً (أَوْ لَا أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي) مِنْك (فَهَرَبَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّبَاعُهُ لَمْ يَحْنَثْ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَهُ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (الصَّحِيحُ لَا يَحْنَثُ إذَا أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَرِيمِهِ وَالْحِنْثُ مَبْنِيٌّ عَلَى حِنْثِ الْمُكْرَهِ الْمَرْجُوحِ (وَإِنْ فَارَقَهُ) الْحَالِفُ (أَوْ وَقَفَ حَتَّى ذَهَبَ) الْغَرِيمُ (وَكَانَا مَاشِيَيْنِ أَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْ الْحَقِّ (أَوْ احْتَالَ) بِهِ (عَلَى غَرِيمٍ) لِلْغَرِيمِ (ثُمَّ فَارَقَهُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (أَوْ أَفْلَسَ) هُوَ أَيْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ (فَفَارَقَهُ لَيُوسِرَ) وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَى أَنْ يُوسِرَ (حَنِثَ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ لِوُجُودِ الْمُفَارَقَةِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالْأَخِيرَةِ، وَلِتَفْوِيتِهِ فِي الثَّالِثَةِ الْبَرُّ بِاخْتِيَارِهِ وَلِعَدَمِ الِاسْتِبْقَاءِ الْحَقِيقِيِّ فِي الرَّابِعَةِ بِالِاحْتِيَالِ وَقِيلَ لَا حِنْثَ فِيهَا نَظَرًا إلَى تَسْمِيَةِ الِاحْتِيَالِ اسْتِيفَاءً (وَإِنْ اسْتَوْفَى) حَقَّهُ (وَفَارَقَهُ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ لَكِنَّهُ أَرْدَأُ) مِنْهُ (لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِنْسَ حَقِّهِ بِأَنْ كَانَ حَقُّهُ الدَّرَاهِمَ فَخَرَجَ مَا أَخَذَهُ نُحَاسًا أَوْ مَغْشُوشًا (حَنِثَ عَالِمٌ) بِهِ (وَفِي غَيْرِهِ) وَهُوَ الْجَاهِلُ بِهِ (الْقَوْلَانِ) فِي حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ أَظْهَرُهُمَا لَا ثُمَّ الْمُفَارَقَةُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا الْحِنْثُ هِيَ الْقَاطِعَةُ لِخِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي الْبَيْعِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا أَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي، فَرَأَى) ذَلِكَ (وَتَمَكَّنَ) مِنْ الرَّفْعِ (فَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى مَاتَ حَنِثَ وَيُحْمَلْ عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ فَإِنْ عُزِلَ) وَتَوَلَّى غَيْرُهُ (فَالْبِرُّ بِالرَّفْعِ إلَى الثَّانِي أَوْ إلَّا رَفَعَهُ إلَى قَاضٍ بَرَّ بِكُلِّ قَاضٍ) فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ (أَوْ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ فَرَآهُ) أَيْ الْمُنْكَرَ (ثُمَّ عُزِلَ) الْقَاضِي (فَإِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا حَنِثَ إنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ فَتَرَكَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَفَعَهُ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَكَمُكْرَهٍ) وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ حِنْثِهِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) مَا دَامَ قَاضِيًا (بَرَّ بِرَفْعِ النِّيَّةِ بَعْدَ عَزْلِهِ) وَيَحْصُلُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي بِإِخْبَارِهِ بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ صَاحِبِ الْمُنْكَرِ.. فَصْلٌ: (حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي تَعَقَّدَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ) بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ (حَنِثَ وَلَا يَحْنَثُ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ أَوْ لَا يُزَوِّجُ أَوْ لَا يُطَلِّقُ أَوْ لَا يُعْتِقُ أَوْ لَا يَضْرِبُ فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ لَا يَفْعَلَ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ) فَيَحْنَثُ (أَوْ لَا يَنْكِحُ حَنِثَ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ لَا بِقَبُولِهِ هُوَ لِغَيْرِهِ) لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ سَفِيرٌ مَحْضٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمُوَكِّلِ (أَوْ لَا يَبِيعُ مَالَ زَيْدٍ فَبَاعَهُ بِإِذْنِهِ حَنِثَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ (فَلَا) حِنْثَ لِفَسَادِ الْبَيْعِ وَهُوَ فِي الْحَلِفِ مُنَزَّلٌ عَلَى الصَّحِيحِ (أَوْ لَا يَهَبُ لَهُ فَأَوْجَبَ لَهُ فَلَمْ يُقْبَلْ لَمْ يَحْنَثْ) لِعَدَمِ تَمَامِ الْعَقْدِ (وَكَذَا إنْ قِيلَ وَلَمْ يَقْبِضْ) لَا يَحْنَثُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَقْصُودَ الْهِبَةِ مِنْ نَقْلِ الْمِلْكِ لَمْ يَحْصُلْ وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى تَمَامِ الْعَقْدِ (وَيَحْنَثُ) الْحَالِفُ لَا يَهَبُ (بِعُمْرَى وَرُقْبَى وَصَدَقَةٍ) لِأَنَّهَا أَنْوَاعٌ مِنْ الْهِبَةِ مَذْكُورَةٌ فِي بَابِهَا (لَا إعَارَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ) فَلَيْسَتْ مِنْ مُسَمًّى الْهِبَةِ (أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِبَةٍ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَحْنَثُ بِهَا كَعَكْسِهِ وَقَالَ الْأَوَّلُ الصَّدَقَةُ أَخَصُّ مِنْ الْهِبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَحْنَثْ بِغَيْرِهَا مِنْ الْهِبَةِ (أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا اشْتَرَاهُ مَعَ غَيْرِهِ) كَعَمْرٍو شَرِكَةً (وَكَذَا لَوْ قَالَ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ) لَمْ يَحْنَثْ بِمَا ذُكِرَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ مُشْتَرَكٌ، وَالثَّانِي قَالَ بِدُخُولِ مَنْ يُصَدِّقُ الْأَكْلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ (وَيَحْنَثُ بِمَا اشْتَرَاهُ سَلَمًا) لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الشِّرَاءِ (وَلَوْ اخْتَلَطَ مَا اشْتَرَاهُ بِمُشْتَرَى غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ) بِالْأَكْلِ مِنْ الْمُخْتَلِطِ (حَتَّى يَتَيَقَّنَ لَهُ مِنْ مَالِهِ) بِأَنْ يَأْكُلَ كَثِيرًا كَالْكَفِّ وَالْكَفَّيْنِ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ كَعَشْرِ حَبَّاتٍ وَعِشْرِينَ حَبَّةٍ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِ الْآخَرِ (أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارًا اشْتَرَاهَا زَيْدٌ لَمْ يَحْنَثْ بِدَارٍ أَخَذَهَا) أَيْ بَعْضَهَا (بِشُفْعَةٍ)، لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا لَا يُسَمَّى شِرَاءً عُرْفًا.. كتاب النذر: بِالْمُعْجَمَة ِ (هُوَ ضَرْبَانِ نَذَرَ لِجَاجٍ) وَغَضَبٍ (كَإِنْ كَلَّمْته) أَيْ فُلَانًا أَوْ إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ الْبَلَدِ (فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ) أَوْ صَلَاةٌ (وَفِيهِ) إذَا وَجَدَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْيَمِينَ (وَفِي قَوْلِ مَا اُلْتُزِمَ وَفِي قَوْلٍ أَيَّهُمَا شَاءَ) وَعَلَى الْأَوَّلِ حُمِلَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» (قُلْت الثَّالِثُ أَظْهَرُ) قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا (وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ) كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ لَكِنْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ الْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ وَالْمُوَفَّقُ بْنُ طَاهِرٍ وَغَيْرُهُمْ (وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ بِالدُّخُولِ) فِي الصُّورَتَيْنِ (وَنَذْرُ تَبَرُّرٍ بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً إنْ حَدَثَتْ نِعْمَةٌ أَوْ ذَهَبَتْ نِقْمَةٌ كَإِنْ شُفِيَ مَرِيضِي)، أَوْ ذَهَبَ عَنِّي كَذَا (فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ فَعَلَيَّ كَذَا) مِنْ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ لَزِمَهُ) ذَلِكَ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الْعِوَضِ. (وَلَا يَصِحُّ نَذَرَ مَعْصِيَةٍ)، كَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ الزِّنَا لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ» (وَلَا وَاجِبٍ) كَالصُّبْحِ أَوْ صَوْمِ أَوَّلِ رَمَضَانَ إذْ لَا مَعْنَى لِإِيجَابِهِ بِالنَّذْرِ (وَلَوْ نَذَرَ فِعْلَ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكَهُ) كَقِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ (لَمْ يَلْزَمْهُ الْفِعْلُ أَوْ التَّرْكُ) رَوَى أَبُو دَاوُد حَدِيثَ «لَا نَذْرَ إلَّا فِيمَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ» (لَكِنْ إنْ خَالَفَ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمُرَجَّحِ) فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ لَا كَفَّارَةَ وَيُؤْخَذُ تَرْجِيحُهُ مِنْ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حَيْثُ حَكَى الْخِلَافَ فِي نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ إنْ خُولِفَ، وَرَجَّحَ فِيهِ عَدَمَ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ أُحِيلَ عَلَيْهِ نَذْرُ الْوَاجِبِ وَنَذْرُ الْمُبَاحِ الْمَذْكُورِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي الثَّلَاثَةِ (وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ أَيَّامٍ نُدِبَ تَعْجِيلُهَا) مُسَارَعَةً إلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ (فَإِنْ قَيَّدَ بِتَفْرِيقٍ أَوْ مُوَالَاةٍ وَجَبَ) ذَلِكَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ (جَازَا) أَيْ التَّفْرِيقُ وَالْوَلَاءُ (أَوْ سُنَّةٌ مُعَيَّنَةٌ) كَسُنَّةِ كَذَا أَوْ سُنَّةٍ مِنْ الْغَدِ أَوْ مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا (صَامَهَا) عَنْ نَذْرِهِ، إلَّا مَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ (وَأَفْطَرَ) أَيْ مِنْهَا (الْعَبْدُ) أَيْ يَوْمَيْهِ (وَالتَّشْرِيقَ) أَيْ أَيَّامَهُ الثَّلَاثَةَ أَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلصَّوْمِ لِحُرْمَتِهِ فِيهَا (وَصَامَ رَمَضَانَ) مِنْهَا (عَنْهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِصَوْمِ غَيْرِهِ (وَلَا قَضَاءَ) لِمَا ذُكِرَ عَنْ النَّذْرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ أَفْطَرَتْ بِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ) فِي السُّنَّةِ (وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِأَيَّامِهِمَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلصَّوْمِ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، لِأَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلصَّوْمِ مِنْهَا فَلَا يَدْخُلُ فِي نَذْرِهَا (وَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ) مِنْ السَّنَةِ (وَجَبَ قَضَاؤُهُ وَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ فَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ وَجَبَ) اسْتِئْنَافُهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَفَاءً بِالشَّرْطِ وَالثَّانِي قَالَ ذِكْرُهُ مَعَ التَّعْيِينِ لَغْوٌ (أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ وَشَرَطَ) فِيهَا (التَّتَابُعَ وَجَبَ وَلَا يَقْطَعُهُ صَوْمُ رَمَضَانَ عَنْ فَرْضِهِ وَفِطْرِ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ وَيَقْضِيهَا تِبَاعًا مُتَّصِلَةً بِآخِرِ السَّنَةِ)، لِيَفِيَ بِنَذْرِهِ (وَلَا يَقْطَعُهُ حَيْضٌ) أَيْ فِي زَمَنِهِ (وَفِي قَضَائِهِ الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا لَا يَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ) أَيْ التَّتَابُعَ (لَمْ يَجِبْ) فَيَصُومُ كَيْفَ شَاءَ (أَوْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَبَدًا لَمْ يَقْضِ أَثَانِيَ رَمَضَانَ)، اللَّازِمَةُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي النَّذْرِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَكَذَا الْعِيدُ وَالتَّشْرِيقُ) الْأَيَّامُ الْخَمْسَةُ لَا يَقْضِي أَثَانِيَهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا ذُكِرَ وَالثَّانِي يَقْضِيهَا لِأَنَّ مَجِيءَ الِاثْنَيْنِ فِيهَا غَيْرُ لَازِمٍ وَفِي الِاثْنَيْنِ الْخَامِسُ فِي رَمَضَانَ هَذَا الْخِلَافُ بِتَرْجِيحِهِ (فَلَوْ لَزِمَهُ صَوْمُ شَهْرَيْنِ تِبَاعًا لِكَفَّارَةٍ صَامَهُمَا وَيَقْضِي أَثَانِيهِمَا) لِنَذْرِهِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يَقْضِي إنْ سَبَقَتْ الْكَفَّارَةُ النَّذْرَ قُلْت ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ نَقَلَ تَرْجِيحَ كُلٍّ عَنْ طَائِفَةٍ، وَالْأَوَّلُ نَاظِرٌ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ وَالثَّانِي إلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ. (تَنْبِيهٌ): ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِ اثْنَيْنِ أَثَانِينَ وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ مُصَرِّفًا بِاللَّامِ وَأَضَافَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا حَاذِفًا نُونَهُ.وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَوْلُ الشَّيْخِ أَثَانِينَ رَمَضَانَ صَوَابُهُ أَثَانِي بِحَذْفِ النُّونِ انْتَهَى وَكَأَنَّ وَجْهَهُ التَّبَعِيَّةُ لِحَذْفِهَا مِنْ الْمُفْرَدِ وَوَجْهُ إثْبَاتِهَا أَنَّهَا مَحَلُّ الْإِعْرَابِ بِخِلَافِهَا فِي الْمُفْرَدِ، وَظَاهِرٌ عَلَى الْحَذْفِ بَقَاءُ سُكُونِ الْيَاءِ كَمَا نُقِلَ عَنْ ضَبْطِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (وَتَقْضِي) بالفوقانية (زَمَنَ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) أَيْ أَثَانِيَهُمَا (فِي الْأَظْهَرِ) وَيُؤْخَذُ مِنْ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَرْجِيحُ عَدَمِ الْقَضَاءِ وَلَعَلَّ السُّكُوتَ عَنْ زِيَادَتِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ السَّابِقَةِ وَلَوْ كَانَ لَهَا عَادَةٌ غَالِبَةٌ فَعَدَمُ الْقَضَاءِ فِيمَا يَقَعُ فِي عَادَتِهَا أَظْهَرُ (أَوْ) نَذْرَ (يَوْمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ) وَالصَّوْمُ بَعْدَهُ قَضَاءٌ (أَوْ يَوْمًا مِنْ أُسْبُوعٍ) بِمَعْنَى جُمُعَةٍ (ثُمَّ نَسِيَهُ صَامَ آخِرَهُ وَهُوَ الْجُمُعَةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ وَقَعَ قَضَاءً) وَإِنْ كَانَ هُوَ وَقَعَ أَدَاءً (وَمَنْ شَرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ فَنَذَرَ إتْمَامَهُ لَزِمَهُ عَلَى الصَّحِيحِ)، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ نَذَرَ صَوْمَ بَعْضِ الْيَوْمِ (وَإِنْ نَذَرَ بَعْضَ يَوْمٍ لَمْ يَنْعَقِدْ) نَذْرُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ شَرْعًا (وَقِيلَ) يَنْعَقِدُ وَ (يَلْزَمُهُ يَوْمٌ) أَقَلُّ الْمَعْهُودِ (أَوْ يَوْمُ قُدُومِ زَيْدٍ فَالْأَظْهَرُ انْعِقَادُهُ)، وَالثَّانِي قَالَ لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءَ بِهِ لِانْتِفَاءِ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ الْمُشْتَرَطِ لِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِقُدُومِهِ قَبْلَ يَوْمِهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِإِمْكَانِ الْعِلْمِ بِقُدُومِهِ قَبْلَ يَوْمِهِ فَيَبِيتُ (فَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا أَوْ يَوْمَ عِيدٍ أَوْ فِي رَمَضَانَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ قَبُولِ الْأَوَّلَيْنِ لِلصَّوْمِ وَالثَّالِثُ لِصَوْمِ غَيْرِهِ، (أَوْ نَهَارًا وَهُوَ مُفْطِرٌ أَوْ صَائِمٌ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا وَجَبَ يَوْمٌ آخَرُ عَنْ هَذَا) لِفَوَاتِ صَوْمِهِ (أَوْ وَهُوَ صَائِمٌ نَفْلًا فَكَذَلِكَ وَقِيلَ) لَا بَلْ (يَجِبُ تَتْمِيمُهُ وَيَكْفِيهِ) بِنَاءً عَلَى لُزُومِ الصَّوْمِ مِنْ وَقْتِ قَدِيمِهِ وَالصَّحِيحُ لَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ (وَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْيَوْمِ التَّالِي لِيَوْمِ قُدُومِهِ، وَإِنْ قَدِمَ عَمْرٌو فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَوَّلِ خَمِيسٍ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ قُدُومِهِ (فَقَدِمَا فِي الْأَرْبِعَاءِ وَجَبَ صَوْمُ الْخَمِيسِ عَنْ أَوَّلِ النَّذْرَيْنِ وَيَقْضِي الْآخَرَ) بِيَوْمٍ.. فَصْلٌ: إذَا (نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى) نَاوِيًا الْكَعْبَةَ (أَوْ إتْيَانَهُ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إتْيَانِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ)، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ لَا يَجِبُ ذَلِكَ حَمْلًا لِلنَّذْرِ عَلَى الْجَائِزِ وَالْأَوَّلُ يَحْمِلُهُ عَلَى الْوَاجِبِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْكَعْبَةَ فَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا وَالْأَصَحُّ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ (فَإِنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ لَمْ يَلْزَمْهُ مَشْيٌ) فَلَهُ الرُّكُوبُ (وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ أَوْ أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ مَاشِيًا فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمَشْيِ) وَالثَّانِي لَهُ الرُّكُوبُ (فَإِنْ كَانَ قَالَ أَحُجُّ مَاشِيًا فَمِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ) مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَهُ (وَإِنْ قَالَ أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى فَمِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ) يَمْشِي (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَمْشِي مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ (وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْمَشْيَ فَرَكِبَ لِعُذْرٍ أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ وَالثَّانِي لَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ قَائِمًا فَصَلَّى قَاعِدًا لِعَجْزِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ بِلَا عُذْرٍ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا هَيْئَةً الْتَزَمَهَا (وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرَفُّهِهِ بِتَرْكِهَا وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا الْتَزَمَهُ بِالصِّفَةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا وَالدَّمُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ شَاةٌ وَفِي قَوْلٍ بَدَنَةٌ وَوُجُوبُ الْمَشْيِ فِيمَا ذَكَرَ فِي الْعُمْرَةِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، وَفِي الْحَجِّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ التَّحَلُّلَيْنِ وَقِيلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَهُ الرُّكُوبُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَرَدَّدُ فِي خِلَالِ أَعْمَالِ النُّسُكِ لِغَرَضِ تِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا، فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ. (وَمَنْ نَذَرَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَزِمَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ) إنْ كَانَ صَحِيحًا (فَإِنْ كَانَ مَعْضُوبًا اسْتَنَابَ) كَمَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ (وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهُ فِي أَوَّلِ) زَمَنِ (الْإِمْكَانِ) مُبَادَرَةً إلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ (فَإِنْ تَمَكَّنَ فَأَخَّرَ فَمَاتَ حُجَّ مِنْ مَالِهِ)، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ (وَإِنْ نَذَرَ الْحَجَّ عَامَهُ وَأَمْكَنَهُ لَزِمَهُ) فِيهِ (فَإِنْ مَنَعَهُ مَرَضٌ) بَعْدَ الْإِحْرَامِ (وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ عَدُوٌّ) أَوْ سُلْطَانٌ أَوْ رَبُّ دَيْنٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَائِهِ (فَلَا) قَضَاءَ (فِي الْأَظْهَرِ) أَوْ صَدَّهُ عَدُوٌّ أَوْ سُلْطَانٌ بَعْدَمَا أَحْرَمَ قَالَ الْإِمَامُ أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لِلْعَدُوِّ فَلَا قَضَاءَ عَلَى النَّصِّ وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا بِوُجُوبِهِ وَحَكَى الْإِمَامُ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِي الْعَامِ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا وَقْتَ خُرُوجِ النَّاسِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهُمْ أَوْ لَمْ يَجِدْ رُفْقَةً وَكَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَا يَتَأَتَّى لِلْآحَادِ سُلُوكُهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ حَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ كَمَا لَا تَسْتَقِرُّ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ (أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً أَوْ صَوْمًا، فِي وَقْتٍ فَمَنَعَهُ مَرَضٌ أَوْ عَدُوٌّ وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِتَعَيُّنِ الْفِعْلِ فِي الْوَقْتِ (أَوْ) نَذَرَ (هَدْيًا)، كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ الشَّاةَ إلَى مَكَّةَ (لَزِمَهُ حَمْلُهُ إلَى مَكَّةَ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ) بَعْدَ ذَبْحِ مَا يَذْبَحُ مِنْهُ (عَلَى مَنْ بِهَا) مِنْ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ (أَوْ) نَذَرَ (التَّصَدُّقَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ) سَوَاءٌ مَكَّةُ وَغَيْرُهَا (أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا فِي بَلَدٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ) فَلَهُ الصَّوْمُ فِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ عَيَّنَ مَكَّةَ أَمْ غَيْرَهَا (وَكَذَا صَلَاةٌ) نَذَرَهَا فِي مَكَانٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ (إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) فَيَتَعَيَّنُ (وَفِي قَوْلٍ وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (الْأَظْهَرُ تَعَيُّنُهُمَا كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاشْتِرَاكِ الثَّلَاثَةِ فِي عِظَمِ الْفَضِيلَةِ وَنَظَرًا لِقَوْلِ الْآخَرِ إلَى أَنَّهُمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا نُسُكٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَعَلَى التَّعَيُّنِ يَقُومُ الْأَوَّلُ مَقَامَهُمَا فِي الْأَصَحِّ، وَيَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ ثَالِثًا زَادَهُ أَنَّهُ يَقُومُ أَوَّلُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ دُونَ عَكْسِهِ كَالصَّحِيحِ فِي نَذْرِ الِاعْتِكَافِ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِهِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ، «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» وَحَدِيثُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي» (أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا مُطْلَقًا فَيَوْمٌ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُفْرَدُ بِالصَّوْمِ (أَوْ أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ) ذَكَرَهُ الْإِمَامُ, (أَوْ) نَذَرَ (صَدَقَةً فِيمَا) أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ (كَانَ) مِمَّا يَتَمَوَّلُ كَدَانِقٍ وَدُونَهُ (أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً فَرَكْعَتَانِ) أَقَلُّ وَاجِبٍ مِنْهَا (وَفِي قَوْلٍ رَكْعَةٌ) أَقَلُّ جَائِزٍ مِنْهَا (فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقِيَامُ فِيهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِ (وَعَلَى الثَّانِي لَا) يَجِبُ فِيمَا يَأْتِي بِهِ (أَوْ) نَذَرَ (عِتْقًا فَعَلَى الْأَوَّلِ) الْمَبْنِيِّ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ عَلَيْهِ (رَقَبَةٌ كَفَّارَةٌ) بِأَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً سَلِيمَةً مِنْ الْعَيْبِ (وَعَلَى الثَّانِي) الْمَبْنِيِّ عَلَى جَائِزِ الشَّرْعِ عَلَيْهِ (رَقَبَةٌ) فَتَصَدَّقَ بِكَافِرَةٍ مَعِيبَةٍ (قُلْت الثَّانِي هُنَا أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا (أَوْ) نَذَرَ (عِتْقَ كَافِرَةٍ مَعِيبَةٍ أَجْزَأَتْ كَامِلَةً فَإِنْ عَيَّنَ نَاقِصَةً تَعَيَّنَتْ) لِتَعَلُّقِ النَّذْرِ بِالْعَيْنِ (أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً قَائِمًا لَمْ يَجُزْ قَاعِدًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ) أَيْ نَذَرَ الصَّلَاةَ قَاعِدًا فَتَجُوزُ قَائِمًا (أَوْ) نَذَرَ (طُولَ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ أَوْ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ الْجَمَاعَةِ لَزِمَهُ) مَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ طَاعَةٌ (وَالصَّحِيحُ انْعِقَادُ النَّذْرِ بِكُلِّ قُرْبَةٍ لَا تَجِبُ ابْتِدَاءً كَعِيَادَةٍ) لِمَرِيضٍ (وَتَشْيِيعِ جِنَازَةٍ وَالسَّلَامِ) لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا فَهِيَ كَالْعِبَادَةِ وَالثَّانِي قَالَ لَيْسَتْ عَلَى وَضْعِهَا.
|